المخطط الكامل لـ”الشرق الأوسط الجديد” الذي بشّرت به أمريكا قبل 11 عامًا
Share

واشنطن – ترجمة الشرق الإخباري | تتسارع التغيرات في منطقة الشرق الأوسط بشكل دراماتيكي، ما يشي بتوجه نحو إعادة تموضع بعض الحدود في المنطقة، ويجعل من إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط الجديد محط اهتمام الكثيرين، في ظل الفعل الميداني المتصاعد على الأرض، والحديث عن مخططات التقسيم والانفصالات، وتزايد التحذيرات العلنية منها من قبل دول.
تنفيذ هذه المخططات بدأ بالفعل، بحسب بعض الخبراء الاستراتيجيين الذين قرؤوا مشهد صفقة القرن المتعلقة بالقضية الفلسطينية والتسريبات المتعلقة بتبادل الأراضي، وقبله استفتاء كردستان العراق على الانفصال والأزمات المتلاطمة في الشرق الأوسط، وصولاً إلى الخطة الأمريكية التي بشّرت بها علناً كونداليزا رايس، قبل أكثر من 11 عاماً، عندما كانت تشغل منصب وزيرة الخارجية الأمريكية، ومن “تل أبيب” على وجه التحديد، وكرّرها مسؤولون أمريكيون آخرون؛ أبرزهم جو بايدن، عضو مجلس الشيوخ الأمريكي، في عام 2006.
قالت رايس في حينه إن مشروع “الشرق الأوسط الكبير” سيحقق –حسب تعبيرها- “حلاً سحرياً لعلاج أزمات المنطقة المزمنة”، إلا أنه وإن طال زمن تحقيقه فقد أصبح هناك من يقرأ تفاصيل الأحداث في المنطقة العربية، والتغيّرات المتسارعة على أرض الواقع بأنها تصبّ في النهاية لصالح تقسيم بعض البلاد العربية، الأمر الذي يصبّ في تحقيق مخطط “الشرق الأوسط الجديد”، وإن كان على مراحل.
“رالف بيترز”.. وحدود الدم
في مجلة القوات المسلحة الأمريكية (عدد يوليو 2006)، نشر الضابط الأمريكي السابق (كولونيل متقاعد من الأكاديمية الحربية الوطنية الأمريكية)، رالف بيترز، مقالة بعنوان: “حدود الدم”، وهي جزء من كتابه “لا تترك القتال أبداً”، وتشكّل هذه المقالة تقريراً متكاملاً عن الصراعات في الشرق الأوسط، والتوتّر الدائم في المنطقة، والتي يعتبرها “بيترز” نتيجة (منطقية) لخلل كبير في الحدود الاعتباطية الحالية التي وضعها، حسب تعبيره، “الأوروبيون الانتهازيون”.
ويعتقد رالف بيترز أن المجموعات الإثنية والدينية في الشرق الأوسط مارست الاختلاط والتعايش والتزاوج، ولكن لا بد من إعادة رسم الحدود لإنصاف الإثنيات الموجودة -حسب قوله- من خلال إنشاء الشرق الأوسط الجديد .
لذلك، ومن أجل شرق أوسط أمريكي (جديد – كبير)، تقدّم بيترز منذ ذلك الوقت بخريطة أمريكية “مبتكرة”، قد تكون بديلة لسايكس بيكو البريطانية الفرنسية قبل 100 عام وعام، تلغي بعض الحدود القائمة بين الدول، ويعتمد على مبدأ تقسيم الدول الحالية، فتتحوّل الدولة الواحدة إلى دويلات، وتنشأ دول جديدة، وتكبر دول صغيرة، وتصغر دول كبيرة.
وبحسب ما نُشر قبل أكثر من 11 سنة؛ فإن بوادر خطته “المقترحة” بدأت بالتحوّل إلى واقع، ما زالت دول كبرى وشعوب ترفضه، كما يراه العديد من السياسيين والمحللين، لا سيما في سوريا والعراق. لذلك كان لا بد من الاطلاع على ما كتبه الضابط الأمريكي قبل عقد من الزمن، لما يشكّله ذلك من مادة مهمة لتكوين فهم لمظاهر نزع الاستقرار والتقسيم السياسي الجارية في كل من العراق وسوريا واليمن، خصوصاً أن الفكرة تهدف لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط الجديد على أساس قومي أو إثني أو طائفي.
“صفقة القرن” والتبادل
أحدث ما كُشف النقاب عنه ويتعلق بشكل الشرق الأوسط، الذي يتحدث البعض عن تنفيذ المخطط القديم على يد إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، هو ما أورده كتاب أمريكي تحدث فيه عن أسرار جديدة عن “صفقة القرن” لحل الصراع العربي – الإسرائيلي التي تعمل عليها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ويشرف عليها صهره ومبعوثه للشرق الأوسط للسلام جاريد كوشنر.
الكتاب الذي حمل عنوان “شركة كوشنر المحدودة.. الجشع والطموح والفساد.. القصة الاستثنائية لجاريد كوشنر وإيفانكا ترامب” للكاتبة “فيكي وارد”، جاء في 300 صفحة وصدر الثلاثاء (19 مارس) في الولايات المتحدة، يسلط الضوء على خطة كوشنير التي تضمنت تبادلاً للأراضي، حيث سيمنح الأردن أراضي للفلسطينيين، وفي المقابل يحصل على أراض من السعودية، فيما تستعيد المملكة جزيرتين في البحر الأحمر كانت قد أعطت إدارتهما لمصر في عام 1950″، في إشارة إلى جزيرتي “تيران وصنافير” اللتين تسلمت إداراتهما السعودية بالفعل من مصر عام 2017.
الدولة الكردية الكبرى
اللافت أن العقيد السابق في الجيش الأمريكي أول ما بدأ به الحديث عن مشروع تقسيم الدول كان “الدولة الكردية”، والتي كانت محور حديث العالم قبل أكثر من عام، بعد الاستفتاء الشعبي الذي أفرز موافقة أكثر من 92% على الانفصال، وتشكيل دولة كردية في شمال العراق، والتي كما يراها البعض “حجر الأساس” لمشروع “الدولة الكردية الكبرى”، ضمن خريطة الشرق الأوسط الجديد .
ويرى مقال الضابط الأمريكي أن الخطة المذكورة (في حينه) تقضي بإقامة دولة كردية مستقلّة للأكراد؛ من خلال “استغلال الفرصة التاريخية التي لاحت للولايات المتحدة بعد سقوط بغداد في إنشاء دولة كردية، إثر تقسيم العراق إلى ثلاث دول، لأن الأكراد سيصوّتون بنسبة 100% لصالح قيام دولة مستقلة إذا عُرضت عليهم فرصة قيام دولة مستقلة”.
أما عن الدولتين الأخريين في العراق، كما يرسم في مخططه، فواحدة للسنة تقع في وسط العراق، وأخرى للشيعة العرب، يكون مكانها في الجزء الجنوبي من العراق، وتشكّل نواة لإنشاء دولة شيعية عربية تنضمّ إليها مناطق واسعة من الأراضي المحيطة بها، ليشكّل حزاماً على المنطقة المحاذية للخليج العربي، على أن تشمل المناطق التالية: الجزء الجنوبي الغربي من إيران، والمعروف بمنطقة الأحواز، والتي تضم معظم الشيعة العرب في إيران، والجزء الشرقي من المملكة العربية السعودية، والذي يضم العدد الأكبر من الأقلية الشيعية في المملكة.
“دولة سوريا الكبرى”، كما يرى الخبير الأمريكي في التخطيط والتحليل صاحب الفكرة، فإنه بعد تقسيم العراق إلى ثلاثة أقسام: كردي في الشمال، شيعي في الجنوب، وسني في الوسط، سيضطر الجزء السني إلى الالتحاق بسوريا، وذلك لأنه سيصبح دولة لا مقومات لها؛ بين مطرقة الدولة الكردية الكبرى إلى شماله، وسندان الدولة الشيعية إلى جنوبه، إذا لم ينضم إلى سوريا، وسيتم إجبار سوريا على التخلّي عن جزء صغير منها لضمّه إلى لبنان لتشكيل (دولة لبنان الكبير) على البحر المتوسط.