Type to search

“ستراتفور”: الإمارات تقود السعودية

الخليج العربي

“ستراتفور”: الإمارات تقود السعودية

Share

الدوحة- بينما تتسابق السعودية وإيران وتركيا، في خضم صراعات السلطة والهيمنة في الشرق الأوسط، إلى تحقيق الهيمنة الإقليمية عبر المعارك بالوكالة وألعاب الشد السياسية والدبلوماسية، تتحرك الإمارات على حساب الرياض جارتها الأكبر حجما لتحقيق طموحاتها في المزيد من النفوذ. ويبدو أن طموحات قادة النظامين طويلة الأمد حول العالم متجهة إلى إدخال السعودية والإمارات في صراع.

وبحسب تقرير نشره مركز ستراتفور فإنه ومع أن الامارات تبدو وكأنها تسير في ظل السعودية، إلا أنها تخفي وراء ذلك طموحا كبيرا، وهي تستغل تركيز الاضواء على السعودية، وتعمل على توسيع نفوذها في جميع أنحاء العالم، وهو أمر يبرز بشكل واضح في تعزيز نفوذها العسكري الممرات الاستراتيجية، مثل البحر الأحمر.

لكن نظرة الى جوهر وطبيعة العلاقة السعودية الإماراتية خلال المرحلة الحالية، تفيد بأن السعودية اصبحت الان تسير على خطى النهج الاماراتي، لا العكس.

وقد عززت الظروف الجيوسياسية المماثلة، التفكير الاستراتيجي المشترك والأهداف السياسة الخارجية المشتركة في البلدين. فالإمارات والسعودية هما في الغالب ملكيتان سنيتان تعتمدان اعتمادا كبيرا على العمالة الوافدة. وتعاني الدولتان الصحراويتان من نقص المياه، وتتشارك في استخدام الثروة النفطية لشراء معدات عسكرية متطورة، قبل إنفاق الباقي لتأمين ولاء سكانها. وكلاهما يوسعان وجودهما على المسرح الإقليمي.

وتتفق الحكومتان السعودية والإماراتية على أن إيران تشكل تهديدا وشيكا، وأن تركيا تحاول ممارسة سيطرة أكبر في المنطقة، وأن الدول الإسلامية الضعيفة في المنطقة تحتاج إلى توجيه. ولكن بعد القيادة الجيوسياسية، تلعب القيادة أيضا دورا في النظرة المتشابهة للبلدين.

ويحاول النظام السعودي حاليا تنفيذ العديد من السياسات والأهداف التي كان يوجهه إليها نظام أبوظبي. وبالنسبة إلى القيادة السعودية، فإن نظام ابوظبي يعتبر مثالا يحتذى به. وانضم النظام السعودي الى نظيره في ابوظبي — على سبيل المثال — في اتباع استراتيجيات لتنويع الاقتصادات السعودية والإماراتية، إلى جانب الإصلاحات الاجتماعية التكميلية.

وأعطت النجاحات التي حققتها التنمية الاقتصادية في الإمارات النظام السعودي شيئا يسعى جاهدا لتحقيقه. وتحقيقا لهذه الغاية، قام بمحاكاة النظام الإماراتي عبر التخطيط للمدن التكنولوجية الفائقة، والدفع باتجاه الخصخصة والأشكال الجديدة من الضرائب، وزيادة عدد المواطنين في القوى العاملة.

وربما يحاول النظام السعودي — في مسعاه الأكثر طموحا — تحويل الأعراف الاجتماعية المحافظة في السعودية إلى أن تقترب المملكة من دولة تشبه الإمارات المتحررة نسبيا. واتبع النظام السعودي استراتيجية أبوظبي في محاولة إقامة نظام ملكي يعتمد على الشرعية القبلية والدينية أكثر مما يعتمد على شرعية الحاكم باعتباره تجسيدا للأمة.

وفي الوقت نفسه، تعمل السعودية للسيطرة على أصوات رجال الدين والمساجد المستقلة، مستلهمة ذلك من السياسة التي نفذتها الإمارات منذ أعوام. وتناولت القيادة السعودية التحديات أمام سلطتها من خلال المطالبة بمزيد من السلطة والإطاحة بأعضاء آخرين من العائلة المالكة من عملية صنع القرار. حتى أن النظام في الرياض خلق لنفسه قوة حراسة خاصة لنشرها ضد منافسيه المحتملين — كما فعل في نوفمبر خلال حملة مكافحة الفساد. وكانت قيادة ابوظبي اتخذ نهجا مماثلا لتأكيد قيادتها من خلال السيطرة على المؤسسات الأمنية الإماراتية الرئيسية.

تحتل الرياض وأبوظبي أدوارا مختلفة على الساحة العالمية. وكثيرا ما تعمل السعودية والإمارات جنبا إلى جنب، سواء في دعم الجماعات السنية المتشابهة في المنطقة، أو في دعم الملكيات الفقيرة مثل الأردن والمغرب، في محاولة للحد من مدى وصول إيران. وتقود الرياض هذه المسؤولية في هذه المساعي المشتركة، وتجذب معظم اهتمام وسائل الإعلام في هذه العملية، وغالبا ما يعود ذلك بالفائدة على دولة الإمارات.

ومن خلال تجنب الأضواء، تتمكن أبوظبي من تجنب معظم الانتقادات في مبادراتها المشتركة مع المملكة، مثل محاولة إجبار رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري على اتخاذ موقف أقوى ضد حزب الله. وظلت سمعة الإمارات غير متأثرة إلى حد كبير نتيجة لذلك.

إلا أن تاريخ أبوظبي الضعيف تخفي وراءه طموحا كبيرا. وخارج ظل السعودية، بدأت الإمارات في الظهور كلاعب قوي في حد ذاتها.

فعلى سبيل المثال، تزيد البلد بهدوء من وجودها العسكري والدبلوماسي في أفريقيا، حيث تعزز الشركات الإماراتية الاستثمارية البنية التحتية للشحن في جميع أنحاء القارة. وكثير من هذه المشاريع لا علاقة لها بالمصالح الخليجية المشتركة، بل هي رغبة من قبل الإمارات في توسيع نطاق نفوذها في جميع أنحاء العالم، وتوسيع نفوذها العسكري في الممرات الاستراتيجية، مثل البحر الأحمر.

ومع ذلك، قد يكون الدافع الإماراتي نحو بروز عالمي أكبر كافيا في الوقت المناسب لاختبار علاقة أبوظبي بالرياض. ويبدو أن طموحاتهما طويلة الأمد حول العالم متجهة إلى إدخال السعودية والإمارات في صراع.

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *